من هم اليزيديون الذين يطاردهم جهاديو الدولة الاسلامية في سوريا و العراق
الخميس 21 أغسطس / آب 2014 14:32
خولة خلوف
من هم اليزيديون الذين يطاردهم جهاديو الدولة الاسلامية في سوريا و العراق
من هم اليزيديون الذين يطاردهم جهاديو الدولة الاسلامية في سوريا و العراق و يرتكبون بحقهم أبشع المجازر فيقتلون رجالهم و يغتصبون نساءهم و أطفالهم و يختطفونهم و يدمرّون قببهم و مزاراتهم؟ هذا الشعب الذي يُعتقد من باب الخطأ أنه يعبد الشيطان بسبب ايمانه الغير تقليدي بالاسلام.

اليزيديون شعب مسالم من أصول كردية تعرّض و منذ القرن السابع عشر للكثير من المذابح. و الاعتقاد بأنهم " يعبدون الشيطان " هو اعتقاد خاطئ بالكامل و لا صحة له و سببه هو إيمان هذا الشعب بحكاية ملاك مطرود يسمونه " الملك طاووس" :
( l’Ange – Paon)
حكاية هذا الملاك تتطابق بشكل عجيب مع حكاية الملاك ابليس المطرود من الجنة في القرآن

الملاك طاووس و بسبب غروره فَقَدَ رضا الله عنه و لكن تكّبيت الضمير يقوده لمصالحة الله . إذاً الملاك طاووس في اليزيدية لا يعادل و لا يمّثل ابليس في الاسلام بل بقي ملاكاً محباً للرب.
بعض الأساطير اليزيدية تؤكد أن الملاك طاووس لم يركع لآدم كما أمر الرب إخلاصاً له و لثوابه جعل الله منه سيداً على ستة ملائكة فحوّله إلى شمس رفعها إلى السماء فصار ملاكاً على جميع الملائكة و هم لهذا السبب يتوجهون في صلواتهم إلى الشمس حاملة النور الذي هو في اعتقادهم جزء من نور الله . و هم يقدسون النار لأن في النار تجسيد للشمس على الأرض و في بيوت اليزيدين يجب أن تبقى نارٌ ما موقدة و في هذا يشتركون مع الزرادشتيين .
تحتفظ اليزيدية توافقاً محدداً مع تقاليد عرفتها الديانة الزارادشتية. و الزارادشتية ليست ديانة توحيدية بل ثنوية أسسها مصلح إيراني اسمه زارادشت في القرن السادس قبل الميلاد و بشّر بها الفرس في زمن لاحق.
و عن زارادشت يحدّث الطبري فيقول: " في زمان بشتاسب ظهر زَرَادشت ، الذي تزعم المجوس أنه نبيُّهم ، و كان زَرَادشت ـ فيما زعم قوم من علماء أهل الكتاب ـ من أهل فلسطين، خادماً لبعض تلامذة إرميا النبي خاصاً به، أثيراً عنده. " يصلي اليزيديون خمس مرات في اليوم كالمسلمين و الزرادشتيين
بعض الرسومات التمثيلية في معابدهم لحيوانات حاضرة في الارث الديني الايراني كالثور مثلاً . الأفعى لديهم رمز من رموز الحكمة كما البومة عند اليونانيين. على مدخل معبد لالش يوجد تمثيل لأفعى.
يؤمن اليزيديون بأبوة آدم لهم و اعتناق ديانتهم أمر مستحيل فإما أن يولد الانسان يزيدياً أو لا يولد و هذا يشرح أيضاً الطبيعة المسالمة لديانتهم التي أسست لطبيعتهم المسالمة فهم ليسوا كغيرهم من التوحيديين يسعون للغزو و الامتداد و الهيمنة . يحبون الطبيعة و يقدسون الأشجار و الأنهار و يحرّمون أطباقاً معينة كالخس مثلاً و يتجنبون ارتداء اللون الأزرق
الانسان مخيّر و ليس مسيّراً عند اليزيديين و هم في هذا يتفقون مع المعتزلة في الاسلام و من وجهة نظرهم الخير و الشر موجودان في الانسان.
مشكلة الشعب اليزيدي أن ديانتهم بقيت زمناً طويلاً تقليداً شفهياً و لم تظهر كتبٌ مقّدسة مكّرسة لإيمانهم و شعائرهم إلا في نهاية القرن التاسع عشر و هذا يشرح استثناء هذا الشعب من مقام " أهل الكتاب " كفئة سنّت النصوص الاسلامية في تراث المسلمين قواعد التعامل معهم فشرعنته.
اليزيديون شعب توحيدي يؤمنون بإله واحد أحد لا شريك له و لكنهم ليسوا لا أهل كتاب و لا مسلمين .
و صلوا جماعات إلى أرمينيا أثناء حرب القرم " 1853 ـ1856 " و كذلك أثناء الحرب الروسية التركية 1877 ـ 1878 و أكراد أرمينيا اليوم هم في غالبيتهم العظمى يزيديون.
بعض المسلمين يعتقدون من باب الخطأ أن لليزيديين علاقة ما بالخليفة المسلم يزيد الأول المكروه عند الشيعة لأنه قتل حفيد الرسول!! و لكن هذه المعلومة لا علاقة لها بحقيقة اليزيديين التاريخية لا من قريب و لا من بعيد.
عانى هذا الشعب كغيره من الأقليات الدينية اضطهاد العثمانيين و لكنهم استطاعوا عام 1849 انتزاع اعتراف السلطات العثمانية بهم و لكن هذا الاعتراف لم يحمهم أيام السلطان عبد الحميد: "1876 ـ1909 " من الترهيب و محاولات اجبارهم على " اعتناق " الاسلام كما حدث عام 1894 .
فرّ قسم من اليزيدييين إلى القوقاز هرباً من مجازر العثمانيين خلال القرن التاسع عشر و تكاد تخلو تركيا منهم اليوم و يسكنون جورجيا و أرمينيا و كردستان العراق على وجه الخصوص
للإفلات من الاضطهاد العثماني التمست مجموعة من اليزيديين من البطرياركيين السريان الأرثوذكس في دير الزعفران في ماردين شمال سنجار اعترافاً بهم كمسيحيين و بالفعل قَبل البطرياركيون التماسهم حُباً و طواعية. لأنهم كانوا يعلمون أن أولئك " عَبدة الشمس " ، على الأقل، يصلّون كل صباح متجهين نحو الشمس و ليسوا إلا اسمياً مسيحيين أوائل.
يحّج اليزيديون إلى قبر الشيخ عدي بن مسافر المتوفي عام 1162 في لالش في جبل سنجار في شمال الموصل و هذا الشيخ يعود في أصله للبقاع في لبنان و هو مؤسس الفرقة الصوفية العدوية السنيّة في القرن الثاني عشر للميلاد . و بناءً على إيمانهم بالتقّمص يعتبر اليزيديون عدي بن مسافر تجسيداً روحياً للملاك طاووس .

اليزيدية دين من أقدم الديانات التوحيدية و يتحدثون " كردية عامية ذات أصل إيراني.
تقام شعائر الحج عند الشعب اليزيدي في شهر نيسان و حجهم مناسبة احتفالية يغني أثناءها المؤمنون أغان انتقلت شفاهةً من جيل إلى جيل و يرقصون كما تفعل فرق مسلمة أخرى كالعلويين أثناء زياراتهم لمقامات قدّيسيهم.
ارتبط مصير اليزيديين في سنجار بمصير المسيحيين في شمال العراق أو ماردين في جنوب شرق تركيا ، زمناً طويلاً
استقبل اليزيديون في جبالهم عشرات الآلاف من اللاجئين المسيحيين الأرمن و السريان الفارّين من المجازر التي نظّمها و منهجها حكّام الأتراك أيام الحرب العالمية الأولى مجازفين و مخاطرين بذلك بحياتهم نفسها. إذ وجد
وجد ما يعادل 30000 مسيحي ملجأ له بين اليزيديين و في فبراير 1918 رفضوا رفضاً قاطعاً تسليم المسيحيين الذين التجأوا إليهم للأتراك فقاتلوا قتالاً شرساً دفاعاً عنهم رغم عدتهم العسكرية الأضعف حتى تدّخل الانكليز فخلصوهم و خلصوا الأرمن من موت محقق بسبب ضعف جاهزيتهم العسكرية في مواجهة الأتراك.
و مع تأسيس دولة العراق عانى هذا الشعب كما عانت بقية القبائل الكردية من سياسة التعريب بالاكراه التي مارسها صدّام حسين و بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 منحتهم الحكومة المستقلة لكردستان و الدستور العراقي حريةَ العبادة و اقامة الشعائر



أخر ما نشر