منتهى الحب
الأحد 21 فبراير / شباط 2016 17:29
توفيق الحلاق
كان يسكن وليد قارصلي في الطابق الثالث من بناية بسيطة في منطقة مساكن برزة بدمشق . وليد قارصلي فنان تشكيلي ذائع الصيت ليس في سوريا فحسب بل في أوساط المثقفين حول العالم . قيل عن لوحاته : إنها مرسومة بيد سماوية ، والحقيقة أنها كذلك فهو لايملك سوى يد واحدة بعدما فقد القدرة على الحركة بنسبة 90% وبهذه اليد ومن سريره أقام 25 معرضا للوحاته الفنية نقلها شقيقه إلى العواصم الغربية والشرقية . وأنا رأيته كيف يرسم ، وكيف يكتب على الكومبيوتر الخواطر للصحف وكيف يؤلف الألحان الموسيقية ويأكل ويشرب بتلك اليد السماوية . كانت زوجته طوال الوقت ومنذ ثلاثين سنة تقوم على رعايته في سريره الذي لايستطيع مغادرته . وزوجته هي ذاتها التي كانت ممرضته عندما جاءها محمولا على نقالة المستشفى مباشرة من نهر موسكوفا الذي قفز إليه من علو شاهق فارتطم عنقه بصخرة أحدثت شللا كاملا في جسده ماعدا تلك اليد الواحدة السماوية . كان الفضل كله يعود لتلك الممرضة التي ظلت إلى جانبه في المستشفى ثم رافقته في رحلة حياته القاسية . سألتها : من أين لك كل هذا الصبر على رجل يشبه طفلا في سن السبعة أشهر يحتاج إليك كل لحظة ؟ ألا تشعرين بالضجر ؟ ابتسمت ونظرت إليه بحنو يصعب وصفه ، وقالت له : شكرا وليد لأنك جعلت لحياتي معنى ، ثم اتجهت نحوي وقالت : أنت لاتعرف وليد كما أعرفه !! إنه أعظم فنان في العالم وأعظم إنسان في العالم . بكى وليد وبكينا معه فيما ذهبت زوجته مسرعة لتملأ لنا فناجين القهوة .



أخر ما نشر