عن وحوش السنة والحثالات

مناسبة حديث الكائن لؤي الحسين أعيد نشر هذا البوست القديم.

كانت هناك عبارة غامضة سمعتها كثيرا وأنا صغير كلما جرى الحديث عن ظلم وعنف النظام الإجرامي في السويداء . فبعد الصخب والنقد، والرفض ينط أحدهم ويقول "على كل أحسن ما يحكمونا السنّة"

مخيلتي الصغيرة التي تشاهد الأوغاد والمجرمين والقذيرين الذين يحكموننا، تطلق العنان لنفسها ( العمى إذا هذول هيك، فكيف السنّة )

حتى حصل يوما أن أستلم أبي ورشة عمل بحكم أنه نجار باطون لإحدى العائلات في السويداء، وكعادته يأخذني قسرا معه كي يعلمني المهنة، ومن غبائي رفضت أن أتعلمها كم أنا نادم حتى اليوم.

على كل كنت أذهب لتجليس تنكات من المسامير، وتنظيف ألواح الخشب وتستيف المورينات، وسقي الشنجات وتربيط الأتاري .. وأنا بعمر لم يتجاوز العاشرة.. بينما أهل هذه العائلة كانوا يأتون إلينا كل يوم بالطعام والشراب والاهتمام والاحتفاء.

وكان الجميع من صغار الكسبة الذي يعملون مع أبي يقولون هؤلاء أحلى عالم أشتغلنا عندهم!

.. قال أبي نعم أنهم من أهلنا السنّة من أرقى من تعاملت معهم.

فجأة تكتشف أن السويداء لديها عائلات سنية لا يمكن لأحد أن يفرقهم

هم من أخفوا كتب الحكمة عندهم لما حاولت مخابرات الشيشلكي مصادرتهم، وهم من حموا مطلوبين أيام المداهمات في محنة الجبل عندما أقتحام جيش الشيشكلي، وهم من لا تفرقهم لا باللهجة ولا بالشكل، ولا بشيء.

سألت هل هؤلاء هم السنة يالي خايفين يحكمونا .. لا لا . مش هذول ؟ غيرن . غيرن..

تخربط سما الملكوت في رأسي الصغير وكبرت قليلا، ويوما مرضت وضعني أبي بالسيارة مع أمي وذهبنا إلى الطبيب

في بصر الحرير. بالعيادة استقبال حافل من الطبيب وعائلته، فالعلاقة مع الدكتور أحمد الحريري متينة لدرجة أن كل أهلي ومعظم أهل قريتي والقرى المجاورة لا يفضلون طبيبا عليه.

ثم سمعت أمي تقول يا ريت نص أطباء الدروز مثل هل الدكتور السني.

سألت هل هذا الدكتور وعائلته هو من السنة يالي بدون يحكمونا لا لا .. مش هذول.

العمى . بدأت مخيلتي تركب صور للسنة كائنات مرعبة، غامضة، شبَحيّة، لا أحد يحمينا منهم سوى قبول بكوارث المخابرات والبعث، فهؤلاء السفاحين أهون من حكم السنّة. فأين هم من هم ؟؟

كبرنا وتكرر السؤال، وتكررت نفس الإجابة، وعيت وذهبت إلى الجامعة ( ياليتني تعلمت نجارة البطون ) وتخرجت، رافقنا كل أنواع السنّة، من إمام الجامع إلى أعتى الكفار، سنة من كل المشارب والأطياف، سنّي بدوي، سنّي فلاحي، سنّي برجوازي، سنّي كردي، سنّي شركسي، سنّي ملحد، سنّي فنان، سنّي فايت بالحيط، سنّي شوي مؤمن، سنّي ولا ألو دخل ... إلخ وكان الجواب كلما سألنا بالسر أهل الطوائف شو رايكم؟ ليكن السنّة والله حباببين ومثلهم مثل كل خلق الله ... يأتي الجواب هذه المرة من أولاد الاقليات. لا لا مش هذول مش هذول. غيرن.

وفجأة ظهر السنّة، بعد سنتين وأكثر من تدمير النظام للبلد، بانت طلائع السنّة.

جبهة النصرة وداعش..وبعد صمت قارب السنتين لثلاث سنوات ومحاولات البحث الدؤوبة عن السنّة الأشرار ظهروا وصاروا الجميع يذكّر بهم

شيء من السعادة من الوعي المزيف، من التبرير الأخرق، من الشماتة، من شهوة الانتصار انو طلعو السنّة يالي حذرانكم منن، وفتحوا العقائر بنشوة الممارس للعادات السرية والباطنية وقذف تفاهته .... ما قلنالك هذول هني السنّة

طيب كيف هذول هني السنة، وأول ما يفعلونه هو قتل السنّة.

وأنفجر المنطق بلا منطق وعلا الضجيج والنشيج والشخير والنخير وباقي القصة بتعرفوها

ولكن اليوم تتم نفس الحالة لدى شريحة عانت مظلومية تاريخة حقا.

فلا تجد أن تقول.. داعش قاطش كاشش فاشش معليش.. المهم ما يحكمونا العلوية

كل هذا وبشار الأسد مازال يخطط لمقابلات تلفزيونية جديدة ليقول: أنا شعبي بدي ياني هيك بحس هيك بشعر.. أنا مليح أنا مثلكم منشان الله أفهمو أنا أحسن من السنّة أنا أحلى من كل الطوائف الجحاش

هلق منشان نختم هل الحكاية.

رأي فادي جامعي : تطهير الوعي ممكن بإمكانيات ذاتية، أما اللاوعي فيحتاج إلى كتيبة من الأطباء النفسيين والعقليين والأخلاقيين ليغيروا فكرة صغيرة أنزرعت في قاع طفل لما كان أقل من عشر سنين أو يؤمن بهذه الثورة عن جد فيبدأ يتحرر لاوعيه وبوفر عليه شغل كثير .. .

رأي فادي نجار البطون.. (ليك كس أبو) كل هل الفزلكة.. هاي ثورة شعب . لك حتى أحرار الشام كاتبين ثورة شعب يا عرصات ويالي بصدق صدق ويالي ما بصدق. أنشالله بيحكموك السنّة