ماخبرتك يابيي شو عملوا معي بالجيش العربي السوري
السبت 27 أغسطس / آب 2016 18:11
فايز مهنا
ماخبرتك يابيي شو عملوا معي بالجيش العربي السوري
عيد …. الجيش .. ضابط يتحدث باسلوب شيق مرير من هو الجيش العربي السوري

كان والدي يخفي دمعة حاول أكثر من مرة مسحها بطرف حطّته البيضاء … عندما قال لي : يا إبني لا تستقيل من الجيش … لا تترك الجيش … انت بتعرف إنّو ما عنّا شي … والحال على قدو .. كان يكتم الى جانب دمعتو كثير من القلق .. والخوف علييّ من الضياع ( وأنا ابنه الأكبر ) .. كنت شوف بعيونو انكسار حلمه الاجتماعي والأسروي والمعنوي … وربما المعيشي … وأشياء كثيرة لم افهمها … .. سيطرت عليه جرّاء إصراري على ترك الجيش ، هذا الحلم الذي عمل على تشكيله طوال سنين عمره السبعين … .. وكنت اخفي ، معاناة كبرى وكم هائل من المرارة والألم والاهانة . أعيشها وعشتها طيلة اثنتي عشر سنه من حياتي العسكرية … أحدها أنني انقطعت سنه ونصف ما زرت السويداء ولا شفت أهلي وإخوتي لأنني لم أكن املك النقود الكافي .. خجلت قلّو أن رتبة النقيب الجوي اللي عبتشوفها على كتفي يا بيي ، أصبحت شهادة ولاء علنية لبلد تمّ السطو عليه ، واستباحته من قبل عائلة ومجموعة حاكمة … متحكمة برقاب الناس وأرزاقهم … هي شهادة زور فاضحة على وطن مسلوب تم إخضاعه بفعل الخوف والبطش … يحملها أصحابها ويقتاتون عليها لدرء الجوع ، وبعضهم من اجل المنفخة فقط … وليست معيارًا وطنياً كما يتوهم البعض …
لم تعد تعني هذا الجيش فلسطين اللي حاربت فيها ايام جيش الإنقاذ … وتصاوبت ونقلوك الى مشفى راشيا كي لا تموت فداءً ل فلسطين العربية … هذا الجيش لأصحاب الواسطات والنفوذ … ونحنا عمنشتغل عندهم مثل المرابعين ….. هذا الجيش يمثل أكبر مؤسسة في العالم لإخصاء العقول ، وسحق الكائن البشري ، وتأليه القائد ، وكتابة التقارير ، والوشاية ، ولعب الورق ، وامتصاص إقتصاد سوريه ، وهدر أعمار منتسبيه بدون طائل …. ما بيعرف بيي إنّو إبني وُلد ميّتاً لأن زوجتي لم تجد من يسعفها الى المشفى ولا معها مصاري كافي لتروح على مشفى خاص … لأَنِّي كنت ( مناوب ) ..
انخجلت قول لبيي ان الملازم الاول المدعو علي سلامي عاقبني بتغطيسي بمجارير الكلية الجوية كل يوم ولمدة عشرة ايام .. ضلّت ريحتي حوالي شهر مثل ريحة المجارير لأنو سِمعني أقول لزميلي اللي جنبي أثناء العقوبه الجماعية عندما طُلِب منا الركوع جاثيا : لا ترفع ايديك حتى يطلب منا الضابط . ، نزّلهم …..
استحيت قلّو إنّو احد زملائي الضباط يبيع الثياب البالية بالسوق المسقوف بحمص ، منشان ما يبيع ضميرو .. وضابط ثاني بيعيش على تصليح الأجهزه الكهربائية للناس منشان يستر عيلتو … تحت سقف وطن يعيش على التماثيل والشعارات والخوف ، وراتب ما بيكفّي ل عشره الشهر ….. ما قدرت قلّو إنّو سيارات قادتنا الضباط اللي مغطاي بصور الرئيس ، وبلورها أسود في بداخلها علب الكافيار وقناني الوسكي ، وأكل العساكر المسروق من جيوبهم ومخصصاتهم … وانو هذي السيارات ما أن تغيب الشمس ، حتى تعمل على نقل المهربات والممنوعات من القصير وجوسيه وتلكلخ والعريضه … لتحل مكان القائد زوجته بمرافقة السائق و حمل التهريب …..
كنت حابب قلّو : أنا في الواقع منتسب لاقطاعية كبيرة اسمها الجيش العربي السوري يملكها شخص .. وتساعده جماعة … ومجموعة … يورثها لأولاده كما يورّث الإقطاعي الخيول … والأرض .. والمتاع .. .. عندما استدعاني المساعد الأول بالأمن ابو جعفر الى مكتبه وأنا أقدم منه بالرتبه ( حسب القوانين العسكريه ) .. .. وتركني استنّى حوالي ست ساعات في غرفة الانتظار . صار راسي أثنائها مثل الطبل من جرّاء تكرار شريط الكاسيت للمطرب العالمي الكبير فؤاد غازي او فؤاد فقرو وهوي عبردد أغنية ( صف الفشك .. اللي ضّيعو ) .. حتى كادت هذه الاغنية ان تتحول الى نشيد وطني سوري ….سمعت منه كل انواع الاهانات والبهدلات .. بتهمة اني غير مخلص بولائي …. وكثير الانتقاد…
استحيت قول لبيّي أني زرت الفريق الركن عبد الكريم زهر الدين ابن السويداء الذي يعتبر أقدم ضابط سوري على قيد الحياة وهوي متروك ومنسي عبيستنّى الموت بدار العجزة التابع للكنيسة الإنجيلية بحمص بعدما خدم سورية وتفانى من اجلها طيلة حياته العسكرية والمدنية الطويله والعريضه ……بعتقد إنّو قلائل جداً من أهل السويداء المقيمين بحمص تجرأ على زيارتو ( لأنو من العهد البائد) …..
في حكي وحكي وقصص كثيره ما بتخلص ….
المكان : حمص .
الزمان : عام 1987
بعد كل اللي صار … استقلت من الجيش بتاريخ 2-1 1988 تحت عنوان قبول استقاله ( بدون تقاعد ) . كافحت وتعبت وصنعت نفسي وساهمت ولا ازال بخدمة بلدي وأهلي ..
والدي الحبيب أنت الآن في الخامسة والتسعين أطال الله بعمرك وأدام عليك الصحة والعافية .. اعتقد انني أقوم بواجبي على أكمل وجه … ومتأكد انك صفحت عني وسامحتني ورضيت علي .
المكان : الإمارات
الزمان : أب 2015
فايز مهنا
لهذه الأسباب ولغيرها ، كم جيش يوجد بسوريه اليوم ؟؟؟؟
هيك بتذكر عيد ! الجيش ! .



أخر ما نشر