إياد شربجي ، كيف يمكننا التفاعل مع أمريكا وليس شتمها ؟
السبت 24 سبتمبر / أيلول 2016 14:13
إياد شربجي ، كيف يمكننا التفاعل مع أمريكا وليس شتمها ؟

- من كشف انتهاكات الجيش الأمريكي في فيتنام هو المجتمع المدني الأمريكي
- من كشف فضيحة ووترغيت هو الاعلام الأمريكي
- من كشف فضيحة انتهاكات الجيش الأمريكي في سجن ابو غريب هو الاعلام الأمريكي
- من كشف البنود الخفية السيئة للاتفاق النووي الايراني مع ادارة اوباما هو الاعلام الأمريكي
- من كشف فضائح الإدارة الأمريكية في سياساتها تجاه القضية السورية هو الاعلام الأمريكي
بالأحرى معظم معلوماتنا التي نستخدمها لإدانة أمريكا واتهامها بالتأمر على الشعوب كشفها الأمريكيون أنفسهم وليس نحن.
هذه الامبراطورية العالمية لا يمكن تلخيصها بسياسات إدارتها السياسية، هذه أمة ضخمة، جغرافياً وسياسياً وصناعياً وعلمياً، وفيها مجتمع مدني حيّ وقضاء واعلام يراقب ويؤثر ويغيّر للأفضل.
يجب تجزيء النظر إلى امريكا، والتعرّف على مفاصلها لنعرف كيفية النفاذ إليها والتأثير فيها، الاستمرار بشتم الولايات المتحدة كلها كيفما اتفق، واعتبارها بإدارتها وشعبها وإعلامها كلهم أعداء لنا، هي نظرة بعثية اسلاموية شيوعية ستبقينا حيث نحن؛ ضحايا أبديين.
أحد المثقفين السوريين الكبار ما زال ينظر لأمريكا من وجهة نظره اليسارية التي أكل عليها الدهر وشرب، يقول بكل سذاجة: طالما الأمريكيون انتخبوا أوباما فهم موافقون على سياساته تجاه سورية.
وهنا أقول لصديقنا:
آخر آخر آخر ما يعني الأمريكيين في الانتخابات هو سياسة بلادهم تجاه سورية، والتي لم يسمعوا بها إلا قبل سنوات فقط، الأمريكيون ينتخبون رئيس بلدهم وما سيقدمه لهم وليس رئيس العالم وما سيقدمه للآخرين، أما بخصوص الأرقام، فتاريخياً نسبة فوز الرئيس الأمريكي تتراوح بين 51- 60% من اصوات الناخبين، أي أن قرابة 45% من الناخبين صوتو ضد الرئيس الفائز، كما أن نسبة المصوتين في الانتخابات الأمريكية لا تتجاوز 65% من مجموع من يحق لهم التصويت.
يعني بالمجمل: 45% من المصوتين يصوتون ضد الرئيس الفائز، و35% من الناخبين لا يصوتون لأي من المرشحين، وهؤلاء بمجموعهم يشكلون غالبية الأمريكيين الذين تأتي أنت وتضعهم في سلّة واحدة وتناصبهم العداء وتتهمهم بالتآمر عليك.
هناك أمر يجب أن تعيه جيداً، شئنا أم أبينا، أعجبنا أم لم يعجبنا الأمر، أمريكا هي أقوى دولة على هذا الكوكب، وهي صانعة السياسات في العالم، وهي من صنعت لك الكومبيوتر الذي تكتب فيه ابداعاتك، وهي من وفرت لك المكتبات الالكترونية لتزيد ثقافتك، وهي من خلقت لك غوغل لتبحث عما تريد بكبسة زر، وهي من خلقت لك الفيسبوك لتنشر أفكارك وتنظيراتك، وهي من اخترعت GPS لتعرف طريقك إلى منزل صديقك، وهي من تخبرك بحال الطقس قبل أن تخرج لسهرتك، وهي من خلقت الواتس آب لتتواصل مع والدتك وأخوتك، وأنت هنا أمام خيارين:
- إما أن تناصب هذه الحضارة العداء فتصارعها دينكوشوتياً
- وإما تجد مفاتيح لإقامة علاقات دائمة معها فتحظى بدعمها لسياساتك، وحمايتها لبلدك وتقدّم لحضارتك.
هل هذا يعني أن أمريكا جمعية خيرية، هل يعني أنها معقل للإنسانية، هل يعني أنها بريئة؟...أبداً، أمريكا بكل بساطة هي شركة ضخمة اشبه منها بدولة، والشركات لا تدار بالايدلوجيات بل بالمصالح وثقافة السوق، والسوق فيه الغش وفيه الصدق وفيه التنافس وفيه التصارع، لكنك في النهاية تستطيع بناء مصالح في هذا السوق إذا عملت بأدواته، وانظر إلى ألمانيا واليابان مثالاً، كان بإمكان أمريكا أن تبقيهما مدمرتين مهزومتين لأبد الآبدين بعد أن تمكنت منهما وهزمتهما عسكرياً في الحرب العالمية الثانية، لكنها هي ذاتها من كانت سبب نهضتهما وصعودهما، ببساطة لأن اليابانيين والألمان لم يفكروا مثلك...!!
يبقى هناك شخص واحد لا نستطيع إقناعه بكل هذا الكلام، وهو الاسلامي الذي يعتقد أن أمريكا تحاربه في دينه، وهذا نتمنى له زيارة واحدة إلى هذا البلد ليتعرّف على حجم المسيحية الحقيقي في حياة الناس و ادارة هذه البلاد، وليتعرف على واقع الاسلام والمسلمين هنا وليقارن بنفسه أين يتمتع المسلمون بحرية دينية أكبر، هنا أم في بلاد المسلمين.



أخر ما نشر