الهوية تراكبية متطورة
الأربعاء 14 يونيو / حزيران 2017 23:25
مازن أكثم سليمان
الهوية تراكبية متطورة
تستطيعُ أنْ تكون سورياً وعربياً في الوقت نفسه، ولستَ مُطالباً بالاختيار بين هُوِيّة سوريّة وهُوِيّة عروبيّة فلا تناقض عضوي أو وجودي بين المُصطلحين ومحمولاتهِما الدَّلاليّة لمَن يُريد تخليق مجتمعات حيويّة لا افتعال مشكلات وهميّة زائِفة ومُعطِّلة للتَّقدُّم . .
طبعاً: هذا كلام في المعنى الثقافي وليس في المعنى السياسي . .
أي: لستُ الآن بصدد مُناقشة الكيانيّة السوريّة السياسيّة؛ لكنَّني من جهتي لا أجد تناقضاً هُوِيّاتيّاً ثقافياً بين سوريتي وعروبتي وإنسانيتي (أو كونيتي) . .
يُضحكُني من يُمضي وقتَهُ مثلاً في مُناقشة: هل سوريا عربية أم آرامية أم فينيقية، أو الذي يقول: سوريا مسيحية و(غزاها) الإسلام، مُتناسياً أنَّ سوريا كانت وثنية (عمورية أوَّلاً ثُمَّ غزاها الآراميون ثانياً) قبل انتشار االيهودية ثُمَّ المسيحية . .
أيضاً: أنْ تقول أنا عربي لا يعني أنَّكَ تنفي هُوِيّة الكرديّ أو التّركمانيّ أو الشركسيّ أو الآشوريّ أو الأرمنيّ، وأن تقول أنا عربي لا يعني أنَّكَ عضو عامل في حزب البعث، فهذا الرَّبط الدِّيماغوجي قمّة الجهل والتَّجهيل والاختزال المعرفيّ والمُصادَرة التّاريخيّة والفكريّة . .
أستطيع أن أنتمي إلى هُوِيّة تحتفي بكُلّ هذِهِ الأبعاد خارج سذاجة الفكر الثنائيّ الحدِّيّ، فلا وجود أصلاً لهُوِيّة أحاديّة، إنَّما الهُوِيّة تراكبيّة تعدُّديّة مُتحرِّكة وقابلة للتجدُّد، وهذِهِ الرّوح تلتقي مع تعدُّديّة الهُوِيّة الثقافية والحضارية العربيّة منذ 3 إلى 4 آلاف عام على الأقل (طبعاً الدِّراسات التّاريخيّة الحديثة في الغرب وليسَ عند القوميين العرب تتحدَّث عن جذور تاريخيّة حضاريّة عربية في بلاد الشام والعراق والجزيرة العربية أقدم من ذلك ): أنا عربي يعني كُلّ تلكَ الانتماءات السابقة . .




أخر ما نشر